كتاب أبومعشرالفلكي الكبيرلطالع

..أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخی، من کبار علماء النجوم والمنجمین فی الاسلام.

هو أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخی، من کبار علماء النجوم والمنجمین فی الإسلام، ومن أوسعهم شهرة فی أوروبا منذ القرون الوسطى، وهو یعرف فیها باسم: «ألبوماسر» ALBUMASAR . ولد فی بلخ، شرقى خراسان، وقدم بغداد طلباً للعلم، فكان منزله فی الجانب الغربى منها باباب خراسان، علی ما جاء فی «الفهرست». وكان أولاً من أصحاب الحديث، فكان يضاغن الفيلسوف أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ويغري به العامة، ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة.

قال ابن النديم: فدسّ عليه الكندي من حسّن له النظر في علم الحساب والهندسة، فدخل في ذلك، وعدل إلي علم أحكام النجوم، وانقطع شرّه عن الكندي.

ویقال: أنه تعلم النجوم بعد سبع وأربعین سنة من عمره، فضلاً عن دراسة التاریک العام وأخبار الفرس خاصة. حتي غدا: «أعلم الناس بسير الفرس وأخبار سائر الأمم» على حد قول ابن صاعد.

وشأن علماء عصره قرن البلخي علم النجوم بصناعة التنجيم، وكان إلي التنجيم اميل حتي شهر به.

قال فیه ابن الندیم: «وکان فاضلاً، حسن الإصابة».

وقال ابن صاعد الأندلسى: «عالم أهل الإسلام بأحكام النجوم، وصاحب التآليف الشريفة والمصنفات المفيدة في صناعة الأحكام وعلم التعديل».

ونقل من بعض المجاميع: أن أبا معشر كان متصلاً بخدمة بعضي الملوك، و أن ذلك الملك طلب رجلاً من أتباعه و أكابر دولته، ليعاقبه بسبب جريمة صدرت منه، فاستخفى.

وعلم أن أبا معشر یدل علیه بالطرائق التی یستخرج بها الخبایا والأشیاء الكامنة. فأراد أن يعمل شيئاً لا يهتدي إليه ويبعد عن حدسه. فأخذ طستاً وجعل فیه دماً، وجعل فی الدم هاون ذهب، وقعد علی الهاون أیاماً. وتطلب الملك ذلك الرجل، وبالغ في التطلب، فلما عجز عنه أحضر أبا معشر وقال له: «تعرفني موضعه بما جرت عادتك به». فعمل المسألة التي يستخرج بها الخبايا، وسكت زماناً حائراً.

فقال له الملك: «ما سبب سكوتك وحيرتك؟».

قال: «أرى شيئاً عجيباً».

فقال: وما هو؟

قال: أری الرجل المطلوب علی جبل من ذهب، والجبل فی بحر من دم، ولا أعلم فی العالم موضعاً من البلاد علی هذه الصفة».

فقال له: «أعد نظرك، وغيّر المسألة، وجدّد أخذ الطالع».

فعل ثم قال: ما أراه إلا ما ذكرت، وهذا شيء ما وقع لي مثله».

فلما أيس الملك من القدرة عليه بهذا الطريق أيضاً، نادى في البلد بالأمان للرجل، اولمن أخفاه. وأظهر من ذلک ما وثق به. فلما اطمأن الرجل ظهر وحضر بین ایدی الملک. فسأله عن الموضع الذی کان فیه، فأخبره بما اعتمده، فأعجبه حسن احتیاله فی اخفاء نفسه، ولطافة أبی معشر فی استخراجه.

واتصل أبو معشر بالموفق، أخي المعتمد، فأخذه منجماً له، وكان معه في محاصره للزنج بالبصرة، ويدو أنه سكن واسط في أواخر أيامه، وفيها مات في 28 رمضان سنة 272هـ، قتليه. على ما ذكر ابن العبرى، وكان مدمناً على الخمر مستهتراً بمعاقرتها».

أعماله:

ترك أبو معشر مصنّفات جمّة في النجوم والتنجيم، ذكر منها ابن النديم بضعة وثلاثين كتاباً، علي أنه لم ينج من التهمة بانتحال مؤلفات غيره. ولاله استفاد من آثار معاصریه، كما استفاد من آثار قدامى الفرس والهنود فی أحكام النجوم. فكان في طليعة من أخذ عنهم من علماء عصره سِند بن علي، وعبد الله بن يحيى، ومحمد بن الجهم. على أنه لم تتسع شهرته وتتجاوز حدود بلده، حتي نُحل بدوره من المصنّفات ما كان بريئاً منه. ومن الآثار التی وصلتنا منه:

«كتاب المدخل الكبير»، وهو ثمانية فصول، ولم يطبع بعد از بالعربية، إنما نقل إلى اللاتينية مرتين: سنة 1130م بعناية «جوهانس هيسبالنسيس» J.HISPALENSIS HISPALENSIS ثممانة بعربية 1150. وطبعت هذه الترجمة الثانیة فی أوغسبورغ سنة 1489م، وتوالت طبعاتها سنة 1504م و1506م فی البندقیة، مما یدل علی بعد از أثرها فی أوروبا، واهتمام العلماء بما تضمن موضوعات مهمة. ويلاحظ «مِيّاس ميلاس» أن الجدير بالذكر في هذا الكتاب ما تضمنه من عرض لظاهرة المد والجذر كان يظهر لأول مرة في أوروبا. ولا یخفی أن أبا معشر یجمع، فی شرحه هذه الظاهرة، بین الملاحظات الدقیقة والتحلیلات الخیالیة. على أنه يلفت النظر إلى كون القمر يبسط تأثيره حتي على الأهوية والأمطار وسائر العناصر في عالم الكون والفساد.

«كتاب أحكام تحاويل سني المواليد»، وهو ثماني مقالات كذلك، علي ما جاء في «الفهرست»، منه نسخة خطية في مكتبة الاسكوريال، ونسخة في المكتبة الوطنية بباريس، نقل في ما جاء در «الفهرست» البندقية سنة 1515م.

«كتاب مواليد الرجال والنساء»، قسمه إلي اثني عشر فصلاً، منه نسخ خطية في مكتبات برلين، وفيينّا، وفلورنسا، والقاهرة.وهو الكتاب الذي بين يديك.